في قلب الأردن، حيث يتكئ المجد على إرث التاريخ، تنهض ناعور بإرثها العريق، محتضنة شبابا يتقدون طموحا، غير أنهم يصطدمون بواقع اقتصادي يتطلب تفكيكا ممنهجا لإشكالياته البنيوية، وإعادة هندسة شاملة لمسارات التمكين، بما يواكب الرؤية الاستراتيجية للدولة في تحويل رأس المال البشري إلى قوة إنتاجية فاعلة لا طاقات معطلة في انتظار الفرص.
لقد أرست التوجيهات الملكية السامية مرتكزات واضحة لتمكين الشباب وإشراكهم في ديناميكيات التنمية الوطنية، إلا أن التحدي الجوهري يكمن في الترجمة التنفيذية لهذه الرؤية عبر سياسات اقتصادية أكثر براغماتية، ترتكز على تحرير الاقتصاد من الجمود البيروقراطي، وتحفيز بيئات الأعمال، وتعزيز الإنتاجية ضمن إطار تكاملي يرسخ الاقتصاد الموجه بالابتكار والتنافسية.
إن المشهد الاقتصادي في ناعور الشامخة، كما في كثير من المناطق، يعاني من اختلالات هيكلية تستدعي مقاربة اقتصادية جديدة، قوامها استثمار الطاقات الشابة ضمن قطاعات واعدة، وإرساء حاضنات أعمال حقيقية، وإعادة تشكيل منظومة التأهيل المهني والتقني بما يواكب تحولات سوق العمل، إذ لا يمكن لوطن يراهن على شبابه أن يظل مكبلً بأنماط اقتصادية استهلاكية لا تنتج سوى المزيد من التحديات.
إن اللحظة الاقتصادية الراهنة لا تحتمل التسويف، فالأردن يمضي قدما في إعادة هيكلة اقتصاده وفق رؤية تحديثية تستوجب تكاملا بين القطاعين العام والخاص، لخلق بيئة اقتصادية ديناميكية تحتضن الإبداع وتعزز الابتكار الإنتاجي. وكما كان شباب الأردن عبر التاريخ رأس الحربة في معارك البناء، فإنهم اليوم أمام مسؤولية وطنية تفرض عليهم أن يكونوا وقود النهضة الاقتصادية، بسواعد لا تعرف التردد وعزائم تأبى الانكسار.