مع بداية كل دورة برلمانية، يبدو أن النواب قد اتفقوا على استراتيجية جديدة: "كيف نخرج بموضوع ونشغل الرأي العام بأمور جانبية بدلاً من القضايا الحقيقية".
وكأنهم يتبعون دستوراً غير مكتوب يفرض عليهم استهلاك وقتهم في معارك ثانوية شعبوية، بينما تتزايد التحديات الحقيقية التي تواجه البلاد.
لنبدأ بقصة سميرة توفيق، التي يبدو أنها أصبحت رمزاً للجدل بين النواب. فبدلاً من طرح القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة، انطلق بعض النواب في رحلة إلى الماضي، مستعرضين قصصاً عن فنانة قديمة وكأنها هي الحل السحري لكل مشاكلنا. هل نحن في مهرجان ثقافي أم جلسة برلمانية؟!
ثم يأتي دور النائب ينال فريحات، الذي قرر أن يجعل من مهرجان جرش ساحة للخلاعة والفسوق. تصريحاته لراديو نون كانت بمثابة قنبلة إعلامية، حيث استطاع أن يثير النقاش حول موضوعات لا تمت بصلة لما يهم المواطن. يبدو أن بعض النواب يفضلون أن يكونوا نجومًا في وسائل الإعلام بدلاً من أن يكونوا ممثلين حقيقيين لمصالح الشعب.
ولننسى الشائعات التي تتوالى كالأمطار في فصل الربيع! فحديث عدادات المياه الإسرائيلية والملف الإلكتروني الصحي المرتبط بشركة معلومات يهودية، هو مجرد مثال على كيف يمكن لبعض النواب أن يستخدموا المعلومات المضللة كأداة لإشغال الرأي العام. بدلاً من التركيز على تطوير الخدمات الصحية والمياه، نجد أنفسنا نغوص في دوامة من الشائعات التي لا طائل منها.
إذاً، ما هو الحل؟ ربما يجب على النواب أن يستمعوا إلى هموم الناس الحقيقية، وأن يتوقفوا عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للمعلومات. فبدلاً من الانغماس في معارك ثانوية، عليهم أن يركزوا على القضايا التي تؤثر بالفعل على حياة المواطنين.
يبدو أن البرلمان يحتاج إلى إعادة تقييم أولوياته. فلنأمل أن يأتي اليوم الذي نرى فيه نوابنا يتحدثون عن القضايا الجوهرية بدلاً من الانشغال بمعارك وهمية. حتى ذلك الحين، سنستمر في متابعة هذه المسرحية السياسية بشغف، مع قليل من النقد الساخر.