2024-11-23 - السبت
00:00:00

محليات

الأردن .. ارتفاع نسبة الأمراض النفسية بسبب الظروف المحيطة

{clean_title}
صوت عمان :  


ساهمت الظروف المحيطة بالأردن في زيادة معدلات الأمراض النفسية، وفقًا لتصريحات وزير الصحة الدكتور فراس الهواري.

 وأوضح مختصون في مجالات النفس والتربية والمجتمع أن التصدي لهذه الظاهرة ليس 
مسؤولية وزارة الصحة وحدها، بل يتطلب تعاونًا مجتمعيًا شاملاً.

 وأشاروا إلى أهمية تعزيز الصحة النفسية من خلال الجهود المشتركة، بالإضافة إلى نشر التوعية النفسية وبث الأمل في نفوس الناس.

وفقًا لما نقله موقع "الغد”، تعتبر الحروب من أكبر مهددات الصحة النفسية، نظرًا لبشاعة الجرائم ضد الإنسانية التي تحدث خلالها.

 كما لفت الخبراء إلى أن بعض الشباب يحاولون التغلب على مشاعر الألم من خلال تعاطي المخدرات والكحول، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من قبل الاختصاصيين النفسيين والخبراء والأطباء لتوعية المجتمع.

 وشددوا على أهمية الوصول إلى المدن والأحياء وتنفيذ حملات توعوية فعّالة، بالإضافة إلى دور الإعلام في إعادة بناء الثقة والأمل لدى الناس.

وفي هذا السياق، أكد وزير الصحة فراس الهواري أن ازدياد الأمراض النفسية في الأردن يعزى إلى الظروف التي مر بها العالم، مثل جائحة كورونا والأوضاع المعيشية الصعبة، إلى جانب التعرض المستمر للأخبار السلبية.
ورأى الهواري أن اختصاص الصحة النفسية سيكون من أكثر التحديات التي ستواجه القطاع الصحي العالمي في الأعوام المقبلة، نظرا لارتفاع نسب القلق والكآبة والأمراض النفسية في العالم.

وأشار إلى أن ارتفاعها مرده للظروف التي يمر بها العالم سواء والظروف المعيشية أو التطور التكنولوجي باستخدام الهواتف المحمولة.

وأوضح أن الوزارة بدأت بإعادة تأهيل مستشفياتها النفسية، وتحسين مستوى الخدمة فيها، مبينا أن الوزارة وضعت خطة مع الشركاء لإدخال تخصصات لعلاج الصحة النفسية ضمن أغلب المراكز الصحية المنتشرة في المملكة.

وفي السياق، قال الخبير النفسي د.خالد المغربي، إن نسب الأمراض النفسية متشابهة تقريبا في معظم البلدان ويمكن أن تزيد بعض الشيء في ظل ظروف صعبة يعيشها مواطنو تلك البلدان.

وتابع المغربي إن الأمراض النفسية مجموعة متكاملة تشمل الأعصاب والذهن واستبدلت باضطرابات التفكير والقلق والاكتئاب وسوء التكيف.

ولفت إلى أننا نجد أمراضا معينة مثل سوء التكيف والقلق واضطرابات فقدان الأحبة وحسرة الحداد التي يمر بها الفرد، مشددا على أن المطلوب ليس من الجهات الرسمية وحدها مواجهة الأمراض النفسية، ولكنه أمر مجتمعي له علاقة بالنشاط الاجتماعي والصحف والمجلات والمؤثرين، والكتابة والتحليل للمساهمة بالتخفيف من وقع الاضطرابات بخاصة في ظروف الحرب الشاملة والكوارث الطبيعية والزلازل والأعاصير ذات الحجم الكبير التي تشمل عددا أكبر من الضحايا بحيث تكون المصيبة جماعية.

واشار إلى أن هناك علاجين (جماعي وفردي) بحيث يتم التعامل مع الضحايا المحتملين عبر المنظمات الاجتماعية وتأمين الظروف الصحية وأماكن الإيواء والغذاء والدعم النفسي كما يحصل في مناطق غزة ولبنان.

وقال: إن توفير الدعم المجتمعي يساهم بالتخفيف من وطأة هذه الاضطرابات في أماكن الكوارث والحروب، ولكن في الأردن ليس مطلوبا من الجهات الرسمية إلا تقديم الدعم النفسي والأسري والإعلامي.

ولفت إلى أهمية تشكيل القناعة والأمل بأن الأمر سيتحسن، إضافة للدعم الإعلامي لتيسير سبل الأمل للأفراد بحياة أفضل ومستقبل جيد مقارنة بالأوضاع التي يعيشونها الآن. 

 وأشار إلى أن لوزارة الصحة دورا كبيرا عبر الاختصاصيين والأطباء النفسيين وطلبة الطب للمشاركة الفعالة بالندوات والفعاليات على مستوى المدن والأحياء، باعتباره نوعا من أنواع التعبئة المناسبة للأفراد في أماكن سكناهم.

واعتبر المغربي أن الظروف المحيطة تؤثر بشكل كبير في المجتمع الأردني، فنجد حالة القهر والمناظر وسط العجز في التصرف، مما يزيد نسبة القلق والاكتئاب وسوء التكيف الذي يزداد بشكل واضح.

وقال: إن المشكلة الأخرى تكمن بلجوء بعض الشباب لتجنب الإحساس بالألم عبر تناول العقاقير المخدرة والمواد الكحولية وحبوب الهلوسة والمواد المنشطة.

بدوره قال خبير علم الاجتماع د.حمود عليمات، إن ما يشاهده المواطن العربي والأردني هو فوق ما يتصور، ويتحمله الإنسان والنفس الإنسانية السوية، مشيرا لما يتعرض له الأهل في فلسطين ولبنان.

وتابع: إن النفس الإنسانية لها قدرة على تحمل المحن والآلام والصعوبات والكوارث، وقد بلغ الإجرام الصهيوني مبلغا فاق كل احتمال وخيال، بل زاد على أقصى ما يمكن تصوره عن التوحش واللإنسانية، والتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وكل هذا أمام العالم.

وزاد: لكل هذه المشاهد، وقع كبير على الموطنين بمختلف خصائصهم، ما يهز كيانهم العقلي، والنفسي والجسمي، ولكن وربما هو الأصعب، هي الشعور بالذنب والخذلان، والعجر الذاتي، الخاص والعام ،لافتا إلى أن هذه مشاعر قاسية جدا على النفس، وعلى الكيان الإنساني.


وأوضح أنه ينبغي لنا ألا نعتبر هذه الجراحات النفسية المشاعرية، أنها أمراض نفسية بالمعنى الطبي التشخيصي، ولكن المؤمن الذي لديه مناعة إيمانية عقائدية، لديه من الحصانة ما يقيه شرور تغول هذه الاضطرابات والمشاكل النفسية الشعورية. 

وقال عليمات: في مثل هذه الأوضاع فإن التوعية الجماعية، والتثقيف الواعي المعتدل، يمكن أن يعطي الناس آمالا، أو على الأقل، توازنا نفسيا وحصانة ومناعة ضد الانهيار، واليأس والإحباط، وهذه أمور خطيرة، ولا تستقيم مع الإيمان، فلا يأس مع الإيمان، مهما كانت الظروف.

من جهته، قال الخبير التربوي د.عايش النوايسة، أن الأحداث السياسية والحروب المرتبطة بما يجري بفلسطين وغزة ولبنان تركت أثرا كبيرا بحياة الناس، وأدت لارتفاع حدة الضغوط النفسية في ظل ما يرتكب من جرائم يومية تتنافى مع أبسط مبادئ الإنسانية.

وأضاف: إن الضغوط الناتجة عن طبيعة الحياة المرتبطة بما يجري وما يشاهد تترك أثرا كبيرا بشخصية الأطفال والشباب، بخاصة في ظل الشعور بالعجز للتعبير عن الرفض لهذا الحدث المرتبط بالعدوان، لافتا إلى أن تلك الضغوط أدت بشكل كبير لعدم اتزان في الصحة النفسية لدى جميع فئات المجتمع، لذا فهي حالة من العافية الجسدية والنفسية والاجتماعية”، وليست فقط حالة عدم وجود مرض أو ضعف.

وتابع: هذا يدل على أن الصحة النفسية تعد أمراً ضرورياً للتمتع بصحة جيدة بشكل عام، بمعنى أن يدرك الفرد عبرها قدراته، ويستطيع التكيف مع الضغوطات الطبيعية والسياسية في الحياة، وأن يعمل بشكل منتج ومثمر، وأن يكون قادراً عبرها على المساهمة في مجتمعه والدفاع عن القضايا الإنسانية ونبذ العنف والتطرف أيا كان مصدره.

وبين النوايسة أن الحروب أكبر عدو للصحة النفسية السليمة للبشر لبشاعة ما يجرى من جرائم ضد الإنسانية "وما يجري في غزة اليوم أكبر دليل على ذلك”، وأخطر ما في ذلك هو حدوث ما يعرف بالصدمة النفسية، والتي تأتي عادة بعد حدوث شيء يفوق طاقة وعقل البشر أي حدث صادم مؤلم ويكون فوق قدرة التحمل لدى البشر، ويؤدي بالنتيجة لحالة من عدم الاتزان الناتجة عن العجز وقلة الحيلة ويولد لديه حالة من الإندهاش والذهول والاستغراب وقلة الحيلة.