زوانة: الإضراب يعبر عن صيحة الشعوب في وجه أمريكا والغرب
أكد المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة أن شعوب العالم، تحاول إيصال وجهة نظرها لحكوماتها سواء بخصوص قضايا محلية أو قضايا عالمية من خلال طرق متعددة، منها التظاهر والمسيرات والمقاطعة والاضرابات وكل لها أنواع ونسق متعدد وفقا لثقافة الشعب وطبيعة نظامه السياسي.
وأشار زوانة لـ"صوت عمان" أن واقع الاضراب العالمي اليوم يأتي تأييدا لأهلنا في غزة ورفضا لعدوان المحتل، ولسياسة الغرب تجاه هذا العدوان؛ خاصة أمريكا التي قدمت للعدوان والمعتدي المحتل كل دعم ، وآخره الفيتو على مشروع قرار مجلس الأمن (العالمي) بوقف العدوان، ما أثار الشعوب العالمية التي تتظاهر في شوارع مدنها دون انقطاع منذ بدأ العدوان وحتى اليوم.
ولفت إلى أن هذا يشير لاختلاف موقف الشعوب خاصة الغربية وداخل أمريكا نفسها عن موقف حكوماتها المؤيدة للعدوان، ومن هنا تنبع أهمية هذا الاضراب وفوائده ، لأنه يعبر عن صيحة الشعوب في وجه أمريكا والغرب، ونجاحه من عدمه يتبين من حجم الالتزام به ونجاحه في تغيير سياسات الحكومات المؤيدة للعدوان .
ونوه الى أن سلبياته، يمكن النظر لها من ناحية تعطيل المصالح والانتاج والعمل، والذي إذا ما قورن بحجم العدوان وضحاياه وآثاره الحالية والمستقبلية ، فيمكن قبول أثمانه الاقتصادية في سبيل المحافظة على وعي الشعوب وقيمهم الانسانية التي لا تقبل معايير حكومات الغرب التي تدخل لون بشرة الضحية ولون عيونه في حسابات موقفها.
ارشيد:الإضراب وسيلة فعالة لجذب الانتباه
بدوره أكد المحلل الاقتصادي مازن ارشيد بأن الإضراب يعتبر وسيلة فعالة للتعبير عن الاحتجاج الجماعي وجذب الانتباه العام والإعلامي لقضية معينة ، وعادة ما يكون له تأثير فوري ومباشر على الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، ويُظهر تضامن المشاركين في الاحتجاج.
وأشار ارشيد لـ"صوت عمان" إلى أن تأثيره غالباً ما يكون مؤقتًا وقد يحتاج إلى تكرار للحفاظ على الضغط، وأحد الأمثلة التاريخية على إضراب ناجح هو إضراب عمال السكك الحديدية في مصر عام ١٩٥١، الذي أدى إلى تحسين الأجور وظروف العمل.
ولفت الانتباه إلى أن المقاطعة تعتبر وسيلة طويلة المدى تعمل على تغيير السلوك الاستهلاكي وتؤثر على الاقتصاد الخاص بالكيان المستهدف، وهذا النوع من الاحتجاج يعتمد على الإصرار والتزام المقاطعين على مدى طويل لإحداث تأثير ملموس.
وأكد بأن المقاطعة تُعد أكثر من مجرد أداة احتجاج؛ بل إنها تغيير في نمط الحياة وقرار أخلاقي، وعلى سبيل المثال، كانت مقاطعة منتجات جنوب أفريقيا خلال فترة الأبرتهايد أداة فعالة في الضغط الدولي ضد نظام الفصل العنصري.
وفيما يتعلق بالمقاطعة طويلة الأمد للسلع المنتجة من قبل الدول الداعمة لإسرائيل، أشار ارشيد أنه يمكن بأن يكون لها تأثير اقتصادي وسياسي كبير إذا تم تنفيذها على نطاق واسع وبشكل مستمر، "الهدف من هذه المقاطعة ليس فقط الضرر الاقتصادي، بل إرسال رسالة سياسية قوية تُظهر الرفض الشعبي لسياسات معينة" وفقاً لحديثه.
وأشار إلى أنه من الإضرابات التي نجحت؛ الحركة الوطنية الهندية ضد الاستعمار البريطاني كمثال، حيث قاد المهاتما غاندي سلسلة من الإضرابات والمقاطعات التي كان لها دور حاسم في نيل الهند استقلالها في النهاية، فالحركة التي قادها غاندي لم تكن فقط تعتمد على الإضرابات، بل شملت أيضًا مقاطعات واسعة النطاق للمنتجات البريطانية، وهذه المقاطعة لم تؤثر فقط على الاقتصاد البريطاني، بل ساهمت أيضًا في بناء وعي وطني وإحساس بالتضامن بين الهنود.
وأضاف: "فيما يتعلق بالمقاطعة كأداة لمواجهة الاحتلال أو دعم دول محتلة، هناك عدة أمثلة تاريخية، فأحد الأمثلة البارزة هو مقاطعة المنتجات الأمريكية في بعض الدول العربية رداً على السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، كما أن حركات مثل حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد إسرائيل (BDS) تهدف إلى ممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".
وأكد بأنه من المهم الإشارة إلى أن فعالية هذه الأساليب تعتمد بشكل كبير على الدعم والالتزام من قبل المجتمعات والمؤسسات المشاركة، بينما الإضراب يمكن أن يكون تعبيرًا قويًا عن التضامن والاحتجاج، فإن المقاطعة تقدم أسلوباً أكثر استدامة وطويل الأمد في مواجهة الظلم والاحتلال.