اليوم، ومع التحوّل السريع نحو العالم الرقميّ، أصبحت المعارض التكنولوجيّة تحتلّ أهمّيّة بالغة، فهي تمكّن الشركات من التشبيك مع زبائن ومستثمرين وشركاء محتملين وتصدير المزيد من منتجاتها وخدماتها للدول الأخرى، الأمر الّذي يساهم في نموّ اقتصاد الدولة وخلق وظائف جديدة وزيادة الاحتياطيّ النقديّ الأجنبيّ.
غير أنّ غالبيّة شركات تكنولوجيا المعلومات، سواء المتوسّطة منها أو الصغيرة أو الناشئة، تواجه صعوبة في تحمّل تكاليف المشاركة في هذه الفعاليّات.
وفي هذا السياق، تقوم حكومات كثيرة حول العالم مثل إيرلندا وسنغافورة بدعم شركاتها الوطنيّة من خلال المساهمة في تغطية جزء كبير من هذه التكاليف.
فحكومة إيرلندا على سبيل المثال، ومن خلال مؤسّسات متخصّصة وبالتعاون مع شركائها تساعد الشركات التكنولوجيّة المحلّيّة للحصول على جذب الاهتمام العالميّ، ممّا يتيح لهم العمل إلى جانب الشركات التكنولوجيّة الكبيرة وجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم، وعقد صفقات مع جهات وشركات كبيرة من دول أخرى.
إن تواجد الشركات الإيرلنديّة بقوّة في هذه المعارض التكنولوجيّة، بدعم من حكومتها، يبرزها كلاعب كبير في عالم التكنولوجيا ويساهم في تعزيز سمعتها؛ ممّا يساهم في تحقيق زيادة ملموسة في صادرات تلك الشركات.
أمّا أجنحة سنغافورة المدعومة حكوميّاً، فتعتبر أكثر من مجرّد مساحات عرض بسيطة، فهي مراكز استراتيجيّة للتواصل، تعزّز الروابط الحيويّة بين الشركات التكنولوجيّة المحلّيّة وقادة الصناعة العالميّة، وتساهم في رفعة سمعة سنغافورة كدولة متطورة في مجال تكنولوجيا المعلومات عالميا.
عندما تستثمر الحكومات في هذه المعارض، فإنّها ترسل رسالة لشركات تكنولوجيا المعلومات المحلّيّة والعالميّة، على الأهمّيّة الّتي تولّيها الحكومة للمساعدة والمساهمة في نموّ قطاع تكنولوجيا المعلومات المحلّيّ للوصول إلى المستوى الدوليّ، محفّزة إيّاهم على الازدهار والابتكار وأهمّيّة اعتماد المعايير العالميّة.
ممّا تقدّم، فإنّ زيادة المخصّصات من قبل الحكومة لتنظيم أجنحة أردنيّة تضمّ العديد من شركات هذا القطاع، سيساهم بشكل أكبر في تعزيز مكانة الأردنّ وسمعته كمركز إقليميّ في مجال تكنولوجيا المعلومات.
خلال هذا العام والأعوام السابقة، نظّمت جمعيّة شركات تقنية المعلومات والاتّصالات في الأردنّ - إنتاج -، عدداً كبيراً من الأجنحة الوطنيّة الناجحة الّتي كان لها، ولا يزال، أثراً كبيراً على الشركات والاقتصاد الوطنيّ وسمعة الأردنّ في عدد كبير من دول المنطقة مثل المملكة العربيّة السعوديّة، والإمارات العربيّة المتّحدة، والعراق، وعمّان، وقطر، وتونس وإسبانيا، والّتي ضمّت خلالها العديد الشركات الأردنيّة.
لكن، الجزء الأكبر من تمويل هذه المشاركات كان على نفقة القطاع الخاصّ وبعض شركاته الراعية، وبعض الجهات المانحة، وبعض الدعم الحكوميّ، والّذي لو كانت قيمته أعلى لتمكّنت جمعيّة إنتاج من زيادة حجم تلك الأجنحة لتضمّ عدداً أكبر من الشركات لتصبح بالمئات، بالإضافة إلى فتح فرص أكبر للمشاركة في فعاليّات أكثر في دول أخرى تفتح آفاقاً وفرصاً أمام هذه الشركات؛ ممّا يعزّز من تقدّمها وتطوّرها الأمر الّذي سينعكس على هذه الشركات وبالمحصّلة، على الاقتصاد الوطنيّ بالفائدة.
في المقابل، فإنّ على الشركات المشاركة في هذه الأجنحة والأنشطة واجب العمل بنشاط في أبحاث السوق والمتابعة والعمل على تحديث مهارات العاملين فيها بشكل مستمرّ، مع التأكّد من تقديم حلول عالميّة ومواكبة آخر التطوّرات في هذه المجالات.
ممّا تقدّم، فإنّ دعم الحكومة لشركات تكنولوجيا المعلومات في المعارض الكبرى يعدّ استثماراً مهمّاً للمستقبل، يرتّب على المعنيّين بهذا الشأن زيادة الدعم والمخصّصات الماليّة لضمان استمرار تقدّم المملكة في السوق العالميّ وازدهارها.
*الرئيس التنفيذيّ لجمعيّة شركات تقنيّة المعلومات والاتّصالات في الأردنّ - إنتاج