محليات
صوت عمان :
أحمد الضامن
ماذا يعني ربط الدينار بالدولار؟ وهل يجنبه ويلات الانهيار؟ وهل يضمن هذا الربط الاستقرار النقدي؟ وما أثر ربط صرف الدينار الأردني بالدولار الأميركي على الاقتصاد الوطني، وهل الأردن قادر على فك ارتباط الدينار بالدولار؟
أجمع خبراء اقتصاديون على أهمية تمسك الأردن بسياسة ربط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار الأميركي، كونها جنبت الاقتصاد الوطني الكثير من الأزمات وحافظت على قيمة الدينار رغم الأزمات المالية والاضطرابات التي شهدها العالم وما زالت مستمرة.
وأكد الخبراء أن ربط الدينار بالدولار هو الخيار الأفضل للسياسة النقدية الحالية للأردن، كونه يعزز الثقة بالدينار كوعاء ادخاري نظرا لثبات سعر صرفه وعدم تأثره بما يجري في الأسواق المالية.
المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة قال إن ربط الدينار بالدولار يعني أن أي تغيير اقتصادي على الدولار سيكون ذا تأثير مباشر على الدينار، خصوصا فيما يتعلق بالاحتياطيات من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي الأردني وسعر الفائدة.
وأشار زوانة في حديثه لـ"صوت عمان" إلى أن هذا الربط يمثل استراتيجية اقتصادية نقدية للأردن منذ العام 1995، وكان من بين أسباب تبنيها آنذاك، طمأنة السوق الأردني والمستثمرين على قوة واستقرار الدينار الأردني، خصوصا بعد أزمة عام 1989 وتدهور سعر صرف الدينار في حينها، موضحا أن هذه الاستراتيجية خدمت الأردن على مدى السنوات الطويلة الماضية وكانت ركيزة اقتصادية ونقدية رئيسية.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي مفلح عقل أن ربط الدينار بالدولار هو إنشاء علاقة فعلية ثابتة فيما بينهما، وهذه العلاقة تبقى طالما البنك المركزي الأردني سائر على سياسة الربط بالدولار.
وقال عقل إن الدولار هو العملة الأساسية لأغلب دول العالم، بينما العملات الأخرى أكثر تذبذبا مقابل الدولار، لذلك فإن ربط الدينار بعملة قوية يعني المحافظة على استقرار قيمة الدينار الأردني في الأسواق والمحافظة على القوة الشرائية له.
وفيما يتعلق بفرضية توجه الأردن لأخذ قرار فك ربط الدينار بالدولار، أوضح عقل أنها مجرد فرضيات وأحاديث فقط، إلا أن استمرار ربط الدينار بالدولار واستمرار هذه العلاقة عادت على الأردن بالفائدة، مشيرا إلى أن الارتباط خدم الاقتصاد الوطني، ولا يوجد مبرر في الوقت الحالي لفك الارتباط، خصوصا أن احتياطات الأردن من العملات الأجنبية مرتفعة ومستقرة بحدود 17 مليار دولار.
وفي استفسارات "صوت عمان" عن عملة اليوان الصينية التي تستحوذ على نحو 10 في المئة من سلة العملات الرئيسية، وما إن كان الأردن قد يفكر بربط الدينار فيه، قال زوانة "لماذا قد يفعل ذلك البنك المركزي؟ اليوان لا تشكل عملة عالمية رئيسية في تسوية مدفوعات التجارة الدولية، ولا تشكل عملة احتياطية عالمية لدى البنوك المركزية العالمية. صحيح أن اليوان يزحف ليحتل موقعه عالمياً وجرى رفع نسبته لدى صندوق النقد الدولي لكن من المبكر جدا أن يفكر البنك المركزي الأردني بذلك".
الخبير مفلح عقل أكد أن حجم اليوان في التجارة العالمية واستعماله في الاحتياطات لا يزيد عن 3 في المئة، وهو تعتبر عملة صاعدة لكن لم تصل إلى المستوى الذي يزيد الإقبال عليه واستعمالها كاحتياط رئيسي للبنوك.
سياسيا وعلى "أرض المعركة"، أكد زوانة أنه فيما يتعلق بصراع القوى والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتأثيرها على سعر الدولار فإن المستفيد الأول من الحرب الأوكرانية هي الولايات المتحدة، إضافة لمصدري النفط والغاز والأسمدة، معللا ذلك ببيع أميركا الغاز لأوروبا بأربعة أضعاف سعره العالمي عند توقف إمداد الغاز الروسي.
وقال "في ظل سيطرة القاعدة الدولارية على النظام الاقتصادي والنقدي العالمي حتى الآن، فإن أميركا تسعى، مع شركات النفط والغاز والسلاح، لإبقاء حرب أوكرانيا مستمرة، ما يعني دوران عجلة هذه القطاعات الإنتاجية لديها وبآثارها الإيجابية على اقتصادها ومكوناتها في سوق العمل وفرص الوظائف المتزايدة والدخل المرتفع. كل ذلك يبقي مستوى حياة الأميركي كما هي دون تدهور وهذا بالطبع إضافة لما تفرضه على حلفائها الغربيين من استمرار الدعم لأوكرانيا، ما ينعكس سلبا على اقتصادات حلفائها الاتحاد الأوروبي واليابان لتبقى أميركا المسيطرة على القرار الاقتصادي والسياسي العالمي".
وبين زوانه أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يتفقان على استراتيجية دعم أوكرانيا لأن الحزبين غير بعيدين عن التأثر في "لوبي السلاح والنفط والغاز"، مضيفاً أن ذلك يعتبر لربما مؤشر خطر خاصة إذا ارتفع الدين العام الأميركي إلى مستويات خطيرة، عندها فقط يمكن أن تتم مراجعة استراتيجية دعم أوكرانيا.
ولفت إلى أنه بعد تحقيق لوبي النفط والسلاح والغاز أرباحاً خيالية على حساب الاقتصاد الأميركي، من المؤكد أن يتفق الحزبان على معالجة ما يكون قد نجم عن ذلك، وأما الآن فإن الدولة العميقة الأميركية ستستمر بدعم أوكرانيا وأوروبا، آملة باستنزاف روسيا، وترسيخ السيطرة الأميركية.
بدوره، أكد عقل أن سعر الدولار يعتمد على قوة الاقتصاد الأميركي ورغم الحرب لا يزال في موقع جيد ومستقر إلى حد ما، وهناك الكثير من الأقاويل التي تشير إلى أن الدولار سينزل عن عرشه وأنه مهدد وأميركا ستضعف اقتصاديا، مؤكدا أن كل ذلك مجرد أقاويل وأن الاقتصاد الأميركي لا يزال قويا وفي ذروة نموه ويتطور ويخلق فرص العمل.
وأضاف: "إذا تراجع الدولار ستتراجع العمليات الدولية قليلا والاحتياطيات، بسبب نهوض التجمع الذي قامت به بعض الدول لتجنب استعمال الدولار، إلا أن ذلك غير ممكن في الوقت الحالي خصوصا أن هناك إقبالا قوي على شراء الدولار".
ولفت إلى أن العملية الروسية في أوكرانيا إذا تطورت ستذهب في اتجاهين، إما وجود مفاوضات بين الأطراف وإنهاء الحرب، أو خسارة روسيا، والتي لربما سيترتب عليها الكثير من الأمور التي ستغير مجرى الوضع القائم.
واختتم حديثه مؤكدا أن أميركا ودول الغرب لن تخسر الحرب، وذلك لمفارقة قوة الاقتصاد الروسي والتي تقدر بـ 1.5 تريليون دولار، بينما قوى حلف الناتو تقدر بـ42 تريليون دولار، موضحا أن لديها قدرة كبيرة على التحمل رغم الأضرار التي تعرضت لها خصوصا دول أوروبا، بسبب الحرب وبقايا كورونا والتغير المناخي.
تصميم و تطوير 