87297-- الدولة العميقة... هل تحب حديثي الولادة؟ :: صوت عمان الإخباري
2025-12-05 - الجمعة
00:00:00

آراء و مقالات

الدولة العميقة... هل تحب حديثي الولادة؟

{clean_title}
صوت عمان :  


قراءة في خطاب العرش السامي ورد مجلس الأمة بين الرؤية الملكية والواقع المؤسسي

بقلم: أسامه عادل الجراح 


في خطابه السامي أمام مجلس الأمة يوم السادس والعشرين من تشرين الأول لعام 2025، قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين رؤيةً شاملةً لما ينبغي أن تكون عليه الدولة الأردنية في مئويتها الثانية: دولة مؤسساتٍ قويةٍ تستند إلى سيادة القانون، وتحمل في طياتها مشروعاً متجدداً لتمكين الشباب، وتجديد الدماء في شرايين الإدارة والسياسة والاقتصاد.
وفي المقابل، جاء رد مجلس الأمة بشقّيه النواب والأعيان محمّلاً بالتعهدات والوعود لترجمة هذه الرؤية، مؤكداً الالتزام بدعم مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري التي يقودها جلالة الملك.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه  بكل شفافية ومسؤولية هو:
هل وصلت هذه الرسائل الملكية إلى عمق المؤسسات فعلاً؟
وهل النظام الإداري والسياسي في الأردن تخلّى عن "الدولة العميقة” التي تدور فيها النخب ذاتها منذ عقود، أم ما زالت هذه الدولة الخفية تملك مفاتيح القرار وتتحكم بمخرجاته، وتغلق الأبواب أمام "حديثي الولادة” من الكفاءات الشابة؟

بين الخطاب والرؤية الملكية
في فقرةٍ لافتة من خطاب العرش قال جلالة الملك:

"وأتحدث هنا عن الشباب الأردني، وأولهم الحسين، ابني وابنكم، الذي حمل معي أمانة المسؤولية، ويشارك في خدمة الوطن من موقعه، كما أريد لكل شابٍ وشابةٍ أردنيين أن يشاركوا في صنع المستقبل”.


كانت تلك الجملة كافية لتلخص فلسفة الملك تجاه الشباب: رؤية تؤمن بأن مستقبل الدولة لا يُصنع في مكاتب مغلقة ولا يُورّث عبر الأجيال الإدارية المتكررة، بل يُبنى بإرادة الشباب، وبطاقاتهم، وبما يملكونه من وعيٍ ومعرفةٍ حديثة.
فالملك لم يذكر ابنه الحسين هنا بصفته ولياً للعهد فحسب، بل مثّله رمزاً لجيلٍ كاملٍ من الأردنيين الذين ينبغي أن تتاح لهم فرص المشاركة في القرار الوطني.

إنها ليست دعوة رمزية، بل توجيه مباشر لكل مؤسسات الدولة بأن تمضي نحو تجديد النخب السياسية والإدارية، وإعادة إنتاج القيادات على أساس الكفاءة لا الأقدمية، وعلى أساس الإبداع لا الولاء للمركز.


ردّ مجلس الأمة... تعهدات تنتظر التطبيق

في المقابل، حمل رد مجلس الأمة على خطاب العرش لغةً توافقية أكدت التزام السلطتين التشريعية والرقابية بتنفيذ التوجيهات الملكية.
وجاء في نص الرد إشادةٌ واضحة بمسارات التحديث التي "تسعى إلى إشراك الشباب والمرأة في الحياة العامة”، وبتأكيدٍ على أن "روح المبادرة لدى الجيل الجديد هي ركيزة النهضة الوطنية”.

لكن، وبين الخطاب والرد، تبقى الفجوة الواقعية قائمة.
فما تزال مواقع صنع القرار في أغلب مؤسسات الدولة تُدار بالوجوه ذاتها التي خبرت الكراسي حتى باتت جزءاً منها، وما تزال الفرص التي تُمنح للشباب "فرصاً خجولة”، تُقدّم أكثر بوصفها تجميلية أو علاقات عامة، لا بوصفها جزءاً من عملية تحول حقيقية.


الدولة العميقة... هل تحب التغيير؟

منذ سنواتٍ طويلة، يردّد الشارع الأردني مصطلح "الدولة العميقة” في وصف تلك المنظومة المتجذّرة التي تُعيد إنتاج ذاتها داخل أجهزة القرار، وتمنح الامتيازات للنخبة التقليدية نفسها، وتقاوم أي محاولةٍ لتمكين الجيل الجديد.
هذه المنظومة لا ترفض الشباب جهاراً، لكنها تحتضنهم بشروطها، وتُعيد تشكيلهم ضمن قالبٍ يضمن استمرار القديم كما هو.

في سياق التحديث الذي يقوده جلالة الملك، لا بد من مواجهة هذا الواقع بشجاعة.
فالدولة العميقة، إن لم تُفتح نوافذها على الجيل الجديد، ستتحول إلى عبءٍ على مشروع التحديث الوطني، وستقف بوعيٍ أو دون وعي في مواجهة الرؤية الملكية ذاتها.
وهنا يبرز السؤال المركزي لمقالنا:
هل تحب الدولة العميقة حديثي الولادة؟
أي: هل تسمح بالكفاءات الجديدة أن تتنفس وتفكر وتعمل بحرية؟
أم تراها تخشى أن تُزاح عن مواقعها، فتغلق الأبواب، وتستبدل التمكين الحقيقي بالتعيين الرمزي؟

الملك يفتح الباب... فمن يغلقه؟
من يتتبع خطابات جلالة الملك خلال الأعوام الأخيرة، يدرك أن فكرة "تمكين الشباب” لم تكن شعاراً سياسياً عابراً، بل رؤية استراتيجية تتكرر في جميع المحافل، بدءاً من حديثه عن "تجديد الحياة الحزبية”، ومروراً بدعوته إلى "تحديث الإدارة العامة”، ووصولاً إلى تأكيده على "ضرورة إشراك الشباب في مواقع القرار الاقتصادي والسياسي”.

وفي خطاب العرش الأخير، كان هذا التوجيه أكثر وضوحاً من أي وقتٍ مضى. فقد ربط الملك بين تمكين الشباب وبين أمن الدولة واستقرارها، قائلاً إن "المواطنة الفاعلة والعدالة وسيادة القانون هي أساس الانتماء، وهي الضمانة لمستقبلٍ مستقرٍّ ومزدهر”.

لكن المشكلة ليست في الرؤية، بل في التنفيذ.
فالخطاب الملكي يفتح الباب واسعاً، غير أن بعض مؤسسات الدولة ما تزال تغلقه بصمت، أو تفتحه جزئياً أمام من يناسبها، لا أمام من يستحق.
هنا تتجلى "الدولة العميقة” كعقلٍ إداريٍ متوارث، يخاف من الجديد، ويعتمد سياسة "التوريث المؤسسي” بدل "التوريث الوطني للفكر”.

تمكين الشباب... ليس منّة بل ضرورة
إن تمكين الشباب ليس ترفاً ولا ترفيهاً سياسياً، بل هو ركيزة لبقاء الدولة.
فجيل ما بعد الألفية هو جيلٌ متعلم، متصل بالعالم، يمتلك أدوات التكنولوجيا والمعرفة الحديثة، وهو الأقدر على التعامل مع اقتصادٍ عالميٍّ سريع التغيّر.
وفي المقابل، فإن استمرار إدارة الدولة بالعقلية ذاتها يعني الانغلاق، والعجز عن مجاراة التحول الدولي في الفكر والإدارة والسياسة.

حين يقول الملك "ابني وابنكم”، فهو لا يمدح ابنه بل يحمّل جيله مسؤولية.
إنها دعوة صريحة لكل مؤسسة في الدولة من البلديات إلى الوزارات، ومن الجامعات إلى الأحزاب، أن تفتح المجال أمام الشباب لا لمجرّد المشاركة الشكلية، بل للمشاركة الفاعلة في صياغة القرار.
فمن دون صفٍّ ثانٍ وثالثٍ من القيادات المؤهلة، ستظل مؤسساتنا رهينة الأسماء ذاتها، وستتحول التجارب إلى تكرارٍ باهتٍ لا يضيف شيئاً للوطن.

من النقد إلى الحل

الاعتراف بوجود "الدولة العميقة” ليس هجوماً على الدولة، بل دفاعٌ عنها.
فالحديث عن تدوير النخب وعن غياب الفرص ليس محاولة لتأليب الرأي العام، بل خطوة ضرورية لتصحيح المسار وتحقيق العدالة في توزيع الفرص.
وإذا أردنا فعلاً أن نكون "دولة مؤسسات”، كما دعا الملك، فعلينا أن نبدأ من إعادة النظر في آليات التعيين، ونظم المساءلة، وطرق اختيار القيادات، بحيث تصبح الكفاءة هي المعيار الوحيد.

يمكن للحكومة والبرلمان أن يبادرا إلى وضع برامج وطنية حقيقية لتأهيل الشباب وتدريبهم على القيادة، وربط ذلك بخطط واضحة للتدرج في المواقع الإدارية والسياسية.
كما يمكن للجامعات ومراكز الأبحاث أن تتحول إلى منصات لصناعة القرار، عبر احتضان الأفكار الشابة وتمويل المشاريع الابتكارية التي تقدم حلولاً واقعية للتحديات الوطنية.

وفي الختام حين نسأل "هل تحب الدولة العميقة حديثي الولادة؟”، فنحن لا نبحث عن إجابة لغوية، بل عن إجابة سياسية ومؤسسية.
فإما أن نكون دولةً تحترم فكر الشباب وطاقتهم، وإما أن نبقى أسرى لدوائر ضيقةٍ تدور حول ذاتها حتى تستهلك نفسها.

لقد رسم الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي خارطة طريق واضحة: تحديثٌ سياسي، وتمكينٌ للشباب، وتطويرٌ للإدارة، ومواطنةٌ فاعلة.
أما الكرة الآن فهي في ملعب المؤسسات والبرلمان والحكومة، لترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس.
فالوطن لا يُبنى بالتدوير، بل بالتجديد.
ولا يستقرّ بالتقليد، بل بالإيمان بأن حديثي الولادة بفكرهم وجرأتهم هم الأمل الذي لا تموت به الدول، بل تُولد به من جديد.
مديرية الأمن العام تطلق خدمة "التدقيق الأمني للمركبات" عبر الرقم "117111" شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة حجازي: مكافحة الفساد استردت نحو 100 مليون دينار غارة سعودية تستهدف قوات حكومية في اليمن كأس العرب: الفدائي يفرض التعادل على تونس الاردن .. موظف في التربية يختلس آلاف الدنانير من أموال مخصّصة لطلبة سوريين في التسعيرة المسائية: ارتفاع طفيف على أسعار الذهب في الاردن كأس العرب: سورية تفرض التعادل على قطر الفيصلي يحافظ على صدارة الدرع بثلاثية في شباك الرمثا الحكومة: تركيب كاميرات لمراقبة المتسولين طقس متقلب في الأردن: أجواء لطيفة اليوم وتحذيرات من أمطار غزيرة وسيول السبت وفيات يوم الجمعة 5-12-2025 في الأردن النشامى ينتظرون قرعة المونديال… من ستكون أولى خصوم الأردن؟ أطعمة قد تدمّر مفاصلك بصمت… خبراء يحددون أسباب النقرس "داء الملوك" نحو 160 ألف متقاعد تحت خط الـ300 دينار… دعوة لإصلاح عاجل يعيد الاعتبار لرواتب الضمان الكيتو تحت المجهر: خسارة وزن مؤقتة مقابل مخاطر صحية دائمة بعد أول لقمة حلوى… ماذا يحدث لأسنانك؟ خطأ يومي يُدمّر الأسنان بصمت! كيف يؤدي الضغط النفسي والتوتر إلى تساقط الشعر؟ الأمن العام يطلق خدمة التدقيق الأمني على المركبات عبر الرقم المجاني 117111