أدرجت الإستراتيجية الوطنية لكبار السن التي أقرت مؤخرا للأعوام 2025-2030، سلسلة من الإجراءات لتنفيذها في المحور الخاص بالحماية الاجتماعية والأمن المالي لكبار السن، في الوقت الذي وثقت فيه الإستراتيجية، انتفاع أكثر من 40 ألف أسرة من برامج صندوق المعونة الوطنية ممن يرأسها "كبير سّن"، كما وثقت بأن 70 % من متقاعدي الضمان الاجتماعي، يتقاضون رواتب تقاعدية تتدنى عن خط الفقر.
وكان مجلس الوزراء أقر الإستراتيجية الوطنية لكبار السن التي أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة في نسختها الثالثة في 8 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، متضمنة محاور جديدة وحيوية في توفير منظومة حماية تشريعية وتنفيذية حقوقية لكبار السن، وذلك في ضوء المؤشرات الديمغرافية المستقبلية التي تتوقع ارتفاع من تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق، أكثر من الضعف بين 2020 و2050، وبين 620.000 ( 6 % من إجمالي السكان) إلى 2.15 مليون (16.6 %) على التوالي، بحسب الغد.
وعرضت الإستراتيجية جملة من البيانات من مصادرها المنهجية والرسمية، المتعلقة بالرواتب التقاعدية لكبار السن، والاستفادة من منظومة الحماية الاجتماعية، ونسبة العاملين منهم والفروقات بين كبار السن من النساء والرجال في الانتفاع من مظلة الحماية الاجتماعية، ونسب الفقر المطلق بين كبار السن والانتفاع من معونات صندوق المعونة الوطنية، وكذلك الأوضاع الصحية سندا إلى إحصاءات رسمية وبيانات صادرة عن عدة جهات.
وفي السياق، قالت الإستراتيجية إن نسبة العاملين من كبار السن الأردنيين فوق الـ60 سنة، بلغت 3 % في 2017، و2.6 % عام 2023، مع الإشارة إلى أنه لا توجد بيانات كافية لمعرفة ما إذا كان كبار السن يكملون نشاطهم الاقتصادي بسبب الحاجة المادية أو للبقاء بشكل طوعي كفاعلين ومساهمين في مجتمعاتهم.
كما بلغت نسبة كبار السن الذين يواجهون بعض الصعوبات في وظائف الجسم (كبار السن من ذوي الإعاقة)
40.9 %، ونسبة الذين يواجهون صعوبات كبيرة أو لا يمكنهم أداء أي عمل 19 % خلال عام 2023، ونسبة الذين يعانون من مرض الزهايمر 14.4 %.
وفيما يتعلق بالمستفيدين من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، أشارت الإستراتيجية إلى أن نسبة الذكور المستفيدين من الضمان الاجتماعي لمتقاعدي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بلغت 46.2 % من مجموع كبار السن عام 2021، فيما بلغت نسبة النساء الكبيرات السن 16.7 %.
وأكدت الإستراتيجية أن هناك ارتفاعا في نسبة متقاعدي الضمان الاجتماعي الذين يتقاضون رواتب تقاعدية تتدنى عن خط الفقر المطلق(العام)، وتبلغ نسبتهم نحو 70 %، ما يهدد الأمن المالي لكبار السن ويعرضهم للفقر، وفقا للإستراتيجية.
أما فيما يتعلق بمنتفعي برامج صندوق المعونة الوطنية من كبار السن، وثقت الإستراتيجية ما قالت إنه بيانات صندوق المعونة الوطنية لعام 2023، من خلال برنامج الدعم النقدي الموحد الذي يبلغ عدد الأسر المنتفعة منه 168,148 أسرة، بينما يبلغ عدد الأسر التي يرأسها كبير سن 32,636 أسرة.
أما حول برنامج المعونة المتكررة، فنقلت الإستراتيجية عن الصندوق أن عدد الأسر المنتفعة منه يبلغ 50,643 أسرة، منها 8,183 أسرة يرأسها "كبير سن"، ليصبح مجموع الأسر المنتفعة التي يرأسها "كبير سن" من البرنامجين 40,819 أسرة من مجموع الأسر المنتفعة أي بنسبة 19 % من مجموع الأسر المنتفعة، مع التنويه بأن الصندوق يعكف على دمج البرنامجين في برنامج واحد.
وقالت الإستراتيجية، إن أبرز التحديات التي تواجه كبار السن فيما يتعلق بالأمن المالي، تدنّي قيمة المعونة الشهرية المصروفة من قِبل صندوق المعونة الوطنية إلى ما دون خط الفقر المطلق (العام)، ومعاناة أغلب النساء المُسنات من فقدان الحماية الاجتماعية، وعدم وجود راتب تقاعدي بسبب عدم انخراطهن في سوق العمل سابقاً، مع التأكيد على محدودية فرص العمل أمام كبار السن، ما يحدّ من مصادر دخلهم.
ومن هنا، أدرجت الإستراتيجية حزمة من الإجراءات التي من المقرر أن يعلن عن خطة تنفيذية لتفعيلها، إلا أنها في محور الحماية الاجتماعية اعتبرت أن توفير الدخل الآمن في سن الشيخوخة للجميع من خلال تقديم معاشات تقاعدية غير قائمة على الاشتراكات كمكمّل للمعاشات التقاعدية الأخرى من أولويات التنفيذ، من خلال العمل على شمول عدد ممن هم في سن العمل اليوم في أنظمة التقاعد، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استدامة نظم التقاعد على المدى الطويل مثل الحدّ من التقاعد المبكر.
كما أدرجت الإستراتيجية جملة من الإجراءات، من بينها تحفيز الاشتراك الاختياري في الضمان الاجتماعي ليشمل مزيداً من الفئات الاجتماعية وخاصة النساء ربات المنازل، والعاملين في القطاع الخاص، والقطاع غير الرسمي، والحد من التقاعد المبكر.
وفي سياق ذلك، وضعت الإستراتيجية، تحسين الظروف المعيشية وخفض نسبة الفقر بين كبار السن ضمن الأهداف المتعلقة في هذا المحور، من خلال عدة إجراءات أهمها؛ التأكد من إدراج فئة كبار السن ضمن المستفيدين من برامج صندوق المعونة الوطنية على أساس الحقوق والمساواة، ومواكبة قيمة المعونة الشهرية المصروفة من صندوق المعونة الوطنية لمستوى خط الفقر الوطني، ومراجعة القيمة المقدَّمة لكبار السن وربطها بمعدلات التضخم.
واعتبرت أن تفعيل دور صندوق الزكاة والأوقاف في دعم كبار السن، ودعم المشاريع الإنتاجية التي يمنحها صندوق الزكاة والتي تستخدم لدعم الأسر الفقيرة التي يتواجد فيها كبار السن، وتعزيز مُبادرات المُحسنين بتوجيه أموال الزكاة أو الأوقاف لصالح كبار السن الذين يعانون من الفقر، من بين الإجراءات المقررة للتنفيذ، عدا تحديد موارد مالية مستدامة وتطوير موازنات تستجيب لقضايا كبار السن ورصدها ومراقبتها.
وأدرجت إجراءات حيوية أخرى مثل مناقشة قضايا كبار السن بشكل تشاوري بين الحكومة والمجالس البلدية ومجلس النواب، من أجل تحسين الظروف المعيشية لهذه الفئة من السكان وخاصة القاطنين في المناطق النائية، من بين الإجراءات المطلوبة.
وضمن هدف تعزيز السياسات والمشاريع المحفزة للنشاط الاقتصادي لكبار السن، وضعت الإستراتيجية جملة إجراءات، منها تنفيذ دراسات وأبحاث للخروج بالتوصيات اللازمة لإقرار تعديلات ملائمة على القوانين التي تحول دون انخراط كبار السن في النشاط الاقتصادي وإتاحة فرص التقاعد المرن في كافة المجالات.
كما اعتبرت أن إنشاء قاعدة بيانات حول كفاءات ومهارات كبار السن الراغبين في متابعة نشاطهم التطوعي أو الاقتصادي وإتاحة الوصول إليها، وتصميم برامج تدريبية خاصة لتمكين النساء الكبيرات السن وأسرهن اقتصادياً، ودعم المشاريع الإنتاجية والحرفية لكبار السن وتسويق منتجاتهم، وإصلاح السياسات واتخاذ التدابير اللازمة لتيسير الحصول على القروض والتسهيلات الائتمانية لكبار السن، إضافة إلى متابعة تطبيق نظام العمل المرن رقم 44 لعام 2024 وحصر الفئات العمرية للمستفيدين منه من ضمن الإجراءات المطلوبة.
وعن رؤية الإستراتيجية في تحقيق التحضير للأمن المالي في فترة الشيخوخة، فاشتملت الإجراءات المقرة على تحفيز من هم في سن العمل على الادخار والاستثمار لضمان أمنهم المالي في مرحلة الشيخوخة، وتكثيف الجهود لإدماج المرأة في سوق العمل وفي أنظمة التقاعد، والنظر في تثمين الخدمات الرعائية المقدمة بمعظمها من قبل النساء، إضافة إلى تحفيز مشاركة المرأة وربات المنازل من خلال الاشتراك الاختياري وتطوير برامج عمل تدريبية وورش تثقيفية.
ومن بين الإجراءات أيضا المقرة، اعتماد مقاربة التعلم مدى الحياة، والاستثمار في من هم في سن العمل لتطوير مهاراتهم واكتساب خبرات جديدة تواكب التطورات في سوق العمل، وتحفيز مشاركة المغتربين الأردنيين في الخارج في مظلة الضمان الاجتماعي الوطنية، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في تعزيز الأمن المالي لكبار السن كجزء من مسؤوليتهم الاجتماعية، وإدخال مفهوم الأمن المالي والادخار ضمن المناهج التعليمية، عدا إيجاد صندوق اختياري لكبار السن لتجميع مدخراتهم في عمر الشباب والاستفادة منها في سن الشيخوخة.