بعد فوزه برئاسة مجلس النواب، يدخل مازن القاضي مرحلة سياسية جديدة، تحمل في طياتها الكثير من التحديات والآمال معاً، فاختياره على رأس السلطة التشريعية يُعد مؤشراً على رغبة داخل المجلس — وربما خارجه — في توازن الخبرة مع الواقعية السياسية، وسط مرحلة دقيقة تشهد حراكاً سياسياً وإدارياً واسعاً في الدولة.
القاضي، الذي يمتلك رصيداً طويلاً من الخبرة في الإدارة والأمن والبرلمان، يجد نفسه اليوم أمام امتحان حقيقي لترجمة التوجيهات الملكية الداعية إلى صناعة قيادات جديدة، وتعزيز الدور الرقابي والتشريعي للمجلس، بعيداً عن الحسابات الشخصية والمصالح الضيقة التي كثيراً ما أضعفت الأداء النيابي في دورات سابقة.
لكن الأنظار الآن تتجه إلى المرحلة الثانية من معركة البرلمان: انتخابات اللجان الدائمة، التي تُعد المطبخ الحقيقي للمجلس ومركز صناعة القرار التشريعي. فتركيبة هذه اللجان ستكشف ملامح التوازنات الجديدة داخل المجلس، وستحدد إن كان النواب ماضون في نهج الإصلاح والتجديد أم سيعودون إلى أساليب المحاصصة التقليدية وتبادل المقاعد وفق التحالفات الضيقة.
تحليل المشهد الأولي يشير إلى أن رئاسة القاضي قد تُسهم في إعادة الانضباط إلى الأداء النيابي، خصوصاً إذا تمكن من ضبط إيقاع اللجان وتوزيع المسؤوليات بعدالة، ومنح الفرصة لنواب جدد لإثبات كفاءتهم في ملفات تشريعية حساسة كـ”القانون المالي، والاستثمار، والإصلاح الإداري”.
في المقابل، سيُختبر مدى قدرة القاضي على إدارة التوازنات الداخلية دون أن يخسر دعم الكتل الكبيرة أو يتهم بالانحياز لأي تيار، وهو توازن دقيق يحتاج إلى حنكة سياسية وحوار مستمر مع مختلف الأطراف.
المرحلة المقبلة ستُظهر ما إذا كان مازن القاضي سيكتفي بلعب دور إداري هادئ في رئاسة المجلس، أم أنه سيقود تحوّلاً فعلياً في الأداء البرلماني، ينسجم مع تطلعات الشارع الأردني في رؤية مجلس أكثر فاعلية، وأقرب إلى نبض الناس