2025-01-08 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

بين نارين ... سوريا الواقع والمأمول اردنيا .

{clean_title}
مأمون المساد
صوت عمان :  

الدفاع عن المصالح الأردنية  في غرفة عمليات الاقليم الملتهب  في كل الجبهات  يؤكد   ثبات  المواقف الأردنية خلال  العقود الماضية ، ولو  وجدت الآذان الصاغية  والواعية  من المجتمع الدولي  إلى المحيط الإقليمي والعربي   لما وصلت النيران  إلى  بيوت كثيرة مجاورة ،   ولما التهمت الحرائق المستعرة   البيت السوري ، الذي  تحول   إلى ميدان  حرب  يدفع الشعب السوري ضريبته ، وهو من ثار  على  الأسد  الذي فتح الأبواب  لمليشيات  الإرهاب   وتجارة الموت ، واستقدم  الإيرانيين  والروس  والامريكان  إلى البلاد التي  تعيش  ويلات التقسيم والطائفية في مخاض عسير  دفع بإسرائيل إلى احتلال  أجزاء  حيوية  واستراتيجية  ، ودخل الملعب  مع سقوط نظام بشار الأسد  كما دخل الأتراك ذات الملعب الذي  لا قانون فيه اليوم سوى  البقاء للأقوى .  

   ولما كان الأردن على البوابة السورية  الجنوبية  وعلى طول الحدود الأردنية السورية  البالغة حوالي 375 كيلومترًا، وهي تمتد من نقطة التقاء الحدود الأردنية السورية العراقية شرقًا، حتى نقطة الالتقاء مع مرتفعات الجولان المحتلة غربًا ، فقد تقدم بمبادرة دبلوماسية تُعرف بـ"مبادرة خطوة مقابل خطوة" لحل الأزمة السورية قبل أكثر من عام  ، بهدف تحقيق تقدم تدريجي في مسار الحل السياسي ، على ثلاث مراحل رئيسية

المرحلة الإنسانية بهدف تحسين الوضع الإنساني و تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة ، وإعادة اللاجئين بعد تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم ،و المرحلة العسكرية-الأمنية  من خلال خفض التصعيد،  و تنفيذ اتفاقيات لوقف إطلاق النار في المناطق المتوترة وصولا الى مكافحة الإرهاب و التعاون في مواجهة التنظيمات الإرهابية ، واخيرا المرحلة السياسية النهائية التي تؤدي إلى انسحاب القوات الأجنبية وخروج جميع القوات الأجنبية والميليشيات من سوريا، بما في ذلك القوات الإيرانية وحزب الله ، ثم رفع العقوبات و تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا وصولا الى إعادة الإعمار بتأمين تمويل دولي لإعادة بناء البنية التحتية السورية.... ولكن الأسد أصم الآذان  وبقي  متدثرا  بعباءة   حلفاء لم يستقبلوه  ولم يحموه  عند ساعة الحقيقة ، وساعة الحق  بالحرية  للشعب السوري.  

دبلوماسية الأردن اليوم نابعة من  مصالح وتحديات متعددة نابعة من الاعتبارات السياسية، الاقتصادية، والأمنية ، فالاعتبارات  الأول إعادة الاستقرار على الحدود ،و ضمان عدم ظهور جماعات متطرفة  تنتج من الوضع القائم ،وهو ما يدفع به إلى العمل  مع النظام الجديد لضمان الاستقرار الإقليمي ، ثم تأتي مصلحة عودة اللاجئين السوريين ،الذين يستضيفهم   مما سيخفف العبء الاقتصادي والاجتماعي على الأردن ، ومع هذا البعد يأتي البعد الاقتصادي الأكبر بإعادة فتح المعابر التجارية التي يمثل شريانًا اقتصاديًا مهمًا، وسقوط النظام اعاد الحيوية إلى التجارة عبر الحدود ، ولابد أن فرص إعادة الإعمار بشراكة الشركات الأردنية  خاصة في مجالات الإنشاءات والبنية التحتية ، يعطي فرصة اقتصادية  بناء شراكات اقتصادية مع النظام السوري الجديد والأسواق المجاورة ،  وفي مجال المياه والطاقة فإن المنافع  متبادلة فالتعاون في مشاريع المياه مثل مشاريع نهر اليرموك التي تضررت خلال الأزمة مصلحة كبرى  تقابلها بذات الأهمية إمكانية التعاون في شبكات الطاقة، وتوسيع الربط الكهربائي بين البلدين. 

 

أعتقد بأن الأردن  اليوم في سوريا  أمام تحد  من أكبر التحديات  في مواجهة التحديات الناتجة عن صراعات النفوذ بين الدول الكبرى على سوريا ،  ولذا فإن المساعي الأردنية في توظيف الدبلوماسية والتعاون الأمني، والتنسيق الإقليمي لضمان تحقيق مصالحه في مرحلة ما بعد الأسد  ( في الثامن من الشهر الماضي )   اخذت زخما   في  التحركات السياسية بين اتصالات ولقاءات وزيارات  فقد من  وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ولقاؤه جلالة الملك عبدالله الثاني في العقبة، ولقاء جلالة الملك رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ،  إضافة إلى اجتماع العقبة بشأن سوريا بحضور وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية الوزارية المختصة بشأن سوريا،المكونة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان، ومصر، إضافة الى أمين عام جامعة الدول العربية، وزيارة وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي كأول وزير عربي  ، ولقاءات جلالة الملك مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة  ، وجمهورية مصر العربية ، ورئيس مجلس النواب  العراقي ، وصولا الى زيارة وفد إلى تركيا يضم وزير الخارجية ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير المخابرات العامة   ، وصولا الى استقبال الأردن وفدا من الإدارة السورية المؤقتة  برئاسة وزير الخارجية .  

الإسناد الأردني للارادة الشعبية سياسيا وانسانيا  ودعم الإدارة  السورية في رسم معالم المستقبل  واقع  شهدته الأيام الماضية على أمل الاستقرار والأمن  والسيادة  ، يؤكد ثبات المواقف الأردنية  العربية والإنسانية، ومأمول  فتح صفحة سورية جديدة  على كافة الأطراف.