2024-11-24 - الأحد
00:00:00

منوعات

ثقب الأوزون في خطر

{clean_title}
صوت عمان :  

مثلما ينمو الجليد البحري حول القارة القطبية الجنوبية ويتراجع كل عام، يفعل ثقب الأوزون ذلك فوق القارة، وهذا العام كبر هذا الثقب كثيرا.

والأوزون غاز طبيعي توجد طبقة منه في الستراتوسفير (الطبقة الثانية من الغلاف الجوي للأرض) لحمايتنا من الأشعة فوق البنفسجية للشمس، وفي عام 1985 تم اكتشاف ثقب في طبقته فوق القارة القطبية الجنوبية، وارتبط تفسير ذلك لاحقا بالاستخدام البشري للمواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وبعض الأسباب المتعلقة بظروف المنطقة، ومنذ ذلك الحين يتم مراقبة حجم الثقب.

ويتقلب حجم الثقب في المنطقة من أغسطس/ آب إلى أكتوبر/ تشرين الأول كل عام، وعادة ما يصل إلى أقصى حجم بين منتصف سبتمبر/ أيلول ومنتصف أكتوبر/ تشرين الأول، بحسب برنامج "كوبرنيكوس" لمراقبة الأرض بالأقمار الاصطناعية، التابع للاتحاد الأوروبي.

وأظهرت قياسات صور الأقمار الاصطناعية التي تم التقاطها في 16 سبتمبر/ أيلول الماضي أن منطقة ثقب الأوزون قد وصلت إلى 26 مليون كيلومتر مربع، أي ما يقرب من 3 أضعاف مساحة البرازيل.

وتقول أنتجي إينيس -العالمة البارزة في خدمة مراقبة الغلاف الجوي في "كوبرنيكوس"- في بيان صحفي نشره الموقع الرسمي لوكالة الفضاء الأوروبية، إن "ثقب الأوزون بدأ هذا العام بداية مبكرة واتسع بسرعة منذ منتصف أغسطس/ آب، مما يجعله أحد أكبر ثقوب الأوزون المسجلة على الإطلاق".

وكان الحد الأقصى المسجل لثقب الأوزون في المنطقة يعود إلى عام 2000، عندما وصل إلى ما يقرب من 28.4 مليون كيلومتر مربع، أي أن الثقب الحالي اقترب من الرقم القياسي.

كيف يتم تحديد حجم ثقب الأوزون؟

يتم تحديد التباين في حجم ثقب الأوزون إلى حد كبير من خلال قوة الرياح القوية التي تتدفق حول منطقة القطب الجنوبي، حيث إن نطاق الرياح القوي يكون نتيجة مباشرة لدوران الأرض والاختلافات القوية في درجات الحرارة بين خطوط العرض القطبية والمعتدلة.

فإذا كان نطاق الرياح قويا، فإنه يعمل كحاجز، بحيث لم يعد من الممكن تبادل الكتل الهوائية بين خطوط العرض القطبية والمعتدلة، ثم تظل الكتل الهوائية معزولة فوق خطوط العرض القطبية وتبرد خلال فصل الشتاء.

وتعود مستويات الأوزون عادة إلى وضعها الطبيعي بحلول منتصف ديسمبر/ كانون الأول، بعد ارتفاع درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير في نصف الكرة الجنوبي، مما يؤدي إلى تباطؤ استنفاد الأوزون وإضعاف الدوامة القطبية، وفقا لكوبرنيكوس.

وتتم متابعة ذلك بواسطة القمر الاصطناعي "سنتينل-فايف بي"، وهو أول قمر اصطناعي لبرنامج "كوبرنيكوس" المخصص لمراقبة غلافنا الجوي، وتم إطلاقه في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2017، وهو جزء من أسطول مهمات "كوبرنيكوس سنتينل" التي تطورها وكالة الفضاء الأوروبية لبرنامج المراقبة البيئية التابع للاتحاد الأوروبي.

ويحمل القمر الاصطناعي مطياف تصوير متعدد الأطياف متطور يسمى "تروبومي"، الذي يكتشف البصمات الفريدة للغازات الجوية في أجزاء مختلفة من الطيف الكهرومغناطيسي لتصوير مجموعة واسعة من الملوثات بدقة أكبر وبدقة مكانية أعلى من أي وقت مضى.

وتتم معالجة قياسات الأوزون الإجمالية لمطياف "تروبومي"، داخل الجزء الأرضي من مهمة القمر الاصطناعي "سنتينل-فايف بي"، وذلك في مركز الفضاء الجوي الألماني، باستخدام الخوارزميات التي طورها المركز الألماني لشؤون الفضاء الجوي والمعهد الملكي البلجيكي لعلم الطيران الفضائي.

ثوران بركان تونغا

هناك بعض التكهنات بأن السلوك غير المعتاد لطبقة الأوزون في عام 2023 هو نتيجة لثوران بركان "هونغا تونغا" جنوبي المحيط الهادي تحت الماء في يناير/ كانون الثاني من عام 2022.

وتقول أنتجي إينيس إن "الكمية الهائلة من بخار الماء التي تم حقنها في الغلاف الجوي نتيجة ثوران البركان ربما بدأت للتو في الوصول إلى المنطقة القطبية الجنوبية".

وتضيف "من الممكن أن يكون بخار الماء قد أدى إلى تكوين متزايد للسحب الستراتوسفيرية القطبية، مما يسمح لمركبات الكلوروفلوروكربون بالتفاعل مع الأوزون، وتسريع استنفاد طبقته".

وكان التأثير الواسع لاستخدام هذه المركبات الضارة صناعيا في منتجات مثل الثلاجات وعلب الأيروسول في السبعينيات والثمانينيات، قد أدى إلى استنفاد طبقة الأوزون المرتفعة في الغلاف الجوي، مما سمح لطبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية بالانفتاح، وفقا لكوبرنيكوس.

وأدى الخوف من هذه المشكلة إلى استنفار جهود العالم التي قادت إلى توقيع "بروتوكول مونتريال"، وهو معاهدة للأمم المتحدة تم التصديق عليها عالميا ودخلت حيز التنفيذ في عام 1989، وساعدت تلك المعاهدة على التخلص التدريجي من إنتاج المواد المستنفدة للأوزون، بما في ذلك مركبات الكربون الكلورية فلورية، لكن التأثير هذه المرة يأتي بشكل طبيعي، نتيجة لثوران بركان "هونغا تونغا"، كما توقع خبراء خدمة مراقبة الغلاف الجوي في "كوبرنيكوس".

التأثير التراكمي

من جانبه، يقلل دونالد ويبلز، من قسم علوم الطقس بمدرسة الأرض والمجتمع والبيئة بجامعة إلينوي الأميركية، من أهمية ثوران بركان "هونغا تونغا"، كسبب لاتساع ثقب الأوزون من جديد، ويقول في تصريحات بالبريد الإلكتروني للجزيرة نت "الاختلافات في ثقوب الأوزون من سنة إلى أخرى، تتعلق بقوة الدوامة القطبية، وقد يكون هذا هو العامل الأساسي لهذا العام، ومن المحتمل أن يكون هناك بعض التأثير من ثوران بركان هونغا تونغا، ولكني لم أر أي دليل على ذلك".

ويشير ستيفن أندرسن -مدير البحوث بمعهد الحكم والتنمية المستدامة (مؤسسة غير حكومية بأميركا)- إلى سبب تاريخي، وهو التأثير التراكمي لبعض المواد المستنفدة للأوزون، ويقول في تصريحات عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت "نعم، كان بركان هونغا تونغا، عاملا مساهما في ثقب الأوزون الكبير في القطب الجنوبي، لكن الكلور والبروم المتراكمين نتيجة قرن من الاستخدام المبالغ فيه للمواد الخطرة المستنفدة للأوزون هو المسؤول أيضا".

وتابع "تتمتع بعض المواد المستنفدة للأوزون بعمر في الغلاف الجوي يزيد على 100 عام، وهذا يعني أن مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs) التي تم إطلاقها في السنوات الأولى بعد اختراعها عام 1929 لا تزال في الغلاف الجوي مما يستنزف الأوزون ويؤدي إلى تغير المناخ، كما أنه يعني أن مركبات الكربون الكلورية الفلورية وغيرها من المواد المستنفدة للأوزون المصنعة قرب نهاية مرحلة التخلص التدريجي من الإنتاج بموجب بروتوكول مونتريال، التي انبعثت بالفعل ستظل في الغلاف الجوي لمدة تصل إلى 100 عام أخرى من الآن، وأخيرا فإن المواد المستنفدة للأوزون الموجودة في معدات التبريد والحماية من الحرائق والرغوة العازلة للحرارة سوف تستنزف طبقة الأوزون لمدة تصل إلى 100 عام بعد الانبعاث ما لم يتم جمعها وتدميرها".